" يضيئ الرب بوجهه عليك .. " ( عدد 6: 25)
" أضئ بوجهك على عبدك وعلمنى فرائضك " ( مزمور 119: 135)
إن ابتسامة الله هى هدف حياتك .
وحيث أن إرضاء الله هو القصد الأول لحياتك , فان أهم مهمة لديك هى أن تكتشف كيف تقوم بذلك . يقول الكتاب المقدس " مختبرين ما هو مرضى عند الرب ". فان الكتاب المقدس يعطينا مثالاً واضحاً لحياة رجل تأتى بالسرور لله . وكان اسمه نوح .
كان العالم بأكمله فى أيام نوح منحطاً أخلاقياً . كان الجميع يعيشون من اجل سرورهم الخاص , وليس لأجل مسرة الله . لم يجد إنساناً على الأرض مهمتاً بان يرضيه , وهكذا فانه حزن وندم على صنعه للإنسان . لقد أصبح الله مشمئزاً من الجنس البشرى لدرجة انه فكر فى أن يمحوه . لكن رجلاً واحداً جعل الله يبتسم . يقول الكتاب المقدس " وأما نوح فوجد نعمة فى عينى الرب " لقد قال الله : هذا الرجل يفرح قلبى . انه يجعلنى أبتسم . سوف أبدا من جديد من خلال عائلته .
أنت وأنا نحيا اليوم لان نوح أتى بالسرور إلى الله . إننا نتعلم من حياته خمسة أفعال للعبادة تجعل الله يبتسم .
إن الله يبتسم عندما نحبه فوق الجميع . لقد أحب نوح الله أكثر من أى شئ آخر فى العالم , فى الوقت الذى لم يكن أى شخص آخر يفعل ذلك ! يخبرنا الكتاب المقدس عن حياته بأكملها " كان نوح رجلاً باراً كاملاً فى أجياله . وسار نوح مع الله "
إن أكثر ما يريده الله منك هو علاقة !.. تلك هى أكثر الحقائق المذهلة فى الكون – إن خالقنا يبتغى حياة الشركة معنا . لقد صنعك كى يحبك , وهو مشتاق إلى أن تحبه بدورك . فهو يقول " إنى أريد رحمة لا ذبيحة ومعرفة الله أكثر من محرقات " وفى الترجمة الإنجليزية يفيد المعنى ( أنا لا أريد ذبائحكم بل محبتكم . أنا لا أريد تقدماتكم بل أريدكم أن تعرفونى )
هل يمكنك أن تحس بولع الله بك فى هذه الآية ؟ إن الله يحبك بعمق وهو يرغب فى التمتع بمحبتك له رداً على محبته لك . انه يشتاق إلى أن تعرفه وتمضى وقتاً معه . لذلك يجب أن يكون أعظم هدف لحياتك هو أن تتعلم كيف تحب الله وتستقبل محبته . لا شئ يضاهى ذلك فى الأهمية . لقد أطلق يسوع على ذلك الوصية العظمى . فقد قال " تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك"
إن الله يبتسم عندما تثق فيه بالكامل . إن الذى جعل نوح يسر قلب الله هو انه وثق فيه حتى عندما لم يبدُ ذلك معقولا . يقول الكتاب المقدس " بالإيمان نوح لما أوحى إليه عن أمور لم تر بعد خاف فبنى فلكاً لخلاص بيته فبه دان العالم وصار وارثاً للبر الذى حسب الإيمان " . تخيل هذا المشهد : جاء الله فى احد الأيام إلى نوح وقال له ( لقد خاب أملى فى البشر . لا أحد يفكر فىَّ فى العالم بأكمله سواك . لكننى عندما أنظر إليك يا نوح ، تعلو وجهى ابتسامة . أريدك أن تبنى فلكاً عملاقاً ليخلصك أنت والحيوانات )
كان هناك ثلاث مشكلات بإمكانها أن تجعل نوح يشك فى الأمر . أولاً : لم يكن نوح قد رأى مطراً على الإطلاق , حيث أن الله لم يكن قد أمطر على الأرض قبل الطوفان . ثانياً : كان نوح يعيش على بعد مئات الأميال من أقرب محيط . فحتى لو كان قد تمكن من معرفة كيفية بناء الفلك , فكيف كان سيمكنه إنزاله إلى الماء ؟ ثالثاً : كانت هناك مشكلة جمع كل الحيوانات ثم رعايتها . لكن نوح لم يتذمر أو يلتمس لنفسه الأعذار , بل انه وضع ثقته بالكامل فى الله , وذلك هو الذى جعل الله يبتسم .
إن الثقة الكاملة فى الله تعنى الإيمان بأنه يعلم ما هو الأفضل بالنسبة لحياتك , أن تتوقع منه أن يحفظ وعوده ويساعدك فى مشاكلك ويصنع المستحيل عند الضرورة . إذ يقول الكتاب المقدس " يرضى الرب باتقيائه بالراجين رحمته " .
لقد تطلب بناء الفلك من نوح 120 سنة . أتخيل انه واجه خلالها كثيراً من الأيام المثبطة . فمع عدم وجود أى علامة للمطر سنة بعد أخرى , ربما يكون قد واجه انتقاداً بشكل قاسٍ باعتباره " رجلا مجنونا يعتقد أن الله يتحدث إليه " . أتخيل أيضا أن أبناء نوح كثيراً ما شعروا بالإحراج بسبب تلك السفينة العملاقة التى كانت تُبنى فى ساحة بيتهم . ومع ذلك فقد استمر نوح فى ثقته بالله .
فى أى جوانب من حياتك تحتاج أن تثق بالكامل فى الله ؟ إن الثقة هى فعل عبادة . إن إيمانك يتسبب فى السعادة لله تماماً مثلما يُسر الآباء عندما يثق الأطفال فى محبتهم وحكمتهم . يقول الكتاب المقدس " ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاءه "
إن الله يبتسم عندما نطيعه من كل قلوبنا . لقد كان إنقاذ المملكة الحيوانية من طوفان عالمى يتطلب انتباهاً شديداً لعملية نقلها وعدة تفاصيل أخرى . فقد كان يجب أن يُعمل كل شئ كما وصفه الله بالضبط . ويخبرنا الكتاب المقدس عن رد فعل نوح " ففعل نوح حسب كل ما أمره به الله ". لاحظ أن نوح أطاع تماماً ( انه لم يتغاض عن إيه تعليمات ) ، وقد أطاع الله بدقة ( فى التوقيت وبالطريقة التى أرادها الله ) . وذلك هو الإخلاص . لا عجب إذن إن كان الله قد ابتسم لنوح .
لو كان الله قد طلب منك أن تبنى سفينة عملاقة ، ألا تعتقد انه ربما يكون لديك بعض التساؤلات ، أو الاعتراضات ، أو التحفظات؟ . لم يكن لدى نوح أى منها . لقد أطاع الله بكل إخلاص . وذلك يعنى القيام بما يطلبه الله بدون أية تحفظات أو تردد .
ليس الله مديناً لك بتفسير أو إعطاء سبب لكل ما يسألك أن تقوم به ، إذ يمكن للفهم أن ينتظر ، لكن ليس الأمر كذلك مع الطاعة . سوف تعلمك الطاعة الفورية عن الله أكثر من عمر كامل من مناقشات حول الكتاب المقدس ، بل انك فى الحقيقة لن تفهم أبداً بعض الوصايا إلا عندما تطيعها أولا . فالطاعة تفتح الطريق للفهم . فكل فعل طاعة هو أيضا فعل عبادة . لماذا ترضى الطاعة الله هكذا ؟ لأنها تثبت انك تحبه بحق . فقد قال يسوع " إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى "
إن الله يبتسم عندما نسبحه ونشكره باستمرار . من أكثر الأمور التى تدخل الراحة والسرور إلى قلبك هى أن تلقى مدحاً وتقديراً صادقاً من شخص آخر . إن الله يحب ذلك أيضا . فهو يبتسم عندما نعبر عن توقيرنا وعرفاننا له . لقد أرضت حياة نوح الله لأنه عاش بقلب يفيض بالتسبيح والشكر . فقد كان أول عمل قام به نوح بعد النجاة من الطوفان هو انه عبر عن شكره لله عن طريق تقديم ذبيحة . إذ يذكر الكتاب المقدس " وبنى نوح مذبحاً .. واصعد محرقات على المذبح " .. إننا لا نقدم ذبائح حيوانية مثلما فعل نوح ، وذلك بسبب ذبيحة يسوع . لكننا نقدم بدلا من ذلك " ذبيحة التسبيح " و " ذبيحة الشكر " . إننا نسبح الله لشخصه ، ونشكره لأجل ما صنعه . فقد قال داود " اسبح اسم الله بتسبيح وأعظمه بحمد . فيستطاب عند الرب ".
يحدث أمر مدهش عندما نقدم التسبيح والشكر لله فإننا عندما نفرح الله ، تمتلئ قلوبنا بالفرح ! . إن العبادة تعمل على الناحيتين . إننا نستمتع بما فعله الله لأجلنا ، وعندما نعبر عن هذه المتعة لله ، فذلك يأتى له بالفرح – لكنه يزيد أيضا فرحنا . يذكر سفر المزامير " والصديقون يفرحون يبتهجون أمام الله ويطفرون فرحاً "
إن الله يبتسم عندما نستخدم قدراتنا . لقد أعطى الله لنوح بعد الطوفان هذه التعليمات البسيطة " أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض .. كل دابة حية تكون لكم طعاماً . كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع " . فقد قال الله ( لقد حان الوقت كى تفلح فى حياتك ! قم بالأشياء التى قد صَممت بنى البشر ليفعلوها . مارس الحب مع زوجتك ، ليكن لك أطفال . كون عائلات . ازرع محاصيل . تناول طعامك . كونوا بشراً . هذا هو الذى خلقتكم لتكونوه ! )
قد تشعر أن الوقت الوحيد الذى تُسر فيه الله هو عندما تقوم بالأنشطة الروحية – مثل قراءة الكتاب المقدس ، وحضور الكنيسة ، والصلاة . وقد تظن أن الله غير مهتم بالأجزاء الأخرى فى حياتك . إن الله يستمتع فى الحقيقة بمراقبة كل تفاصيل حياتك ، سواء كنت تعمل ، أو تلعب ، أو ترتاح ، أو تأكل . لا تفوته حركة واحدة مما تقوم به . إذ يخبرنا الكتاب المقدس " من قبل الرب تثبت خطوات الإنسان وفى طريقه يُسَر " .. كل نشاط بشرى ، ما عدا الخطية ، يمكن أن يُعمل لإرضاء الله إن كنت تقوم به كموقف تسبيح . يمكنك أن تغسل صحوناً ، وتصلح ماكينة ، وتبيع منتجاً ، وتكتب برنامج كمبيوتر ، وتزرع محصولاً ، وتكون أسرة لمجد الله !
انك لا تقدم المجد أو الرضا لله عن طريق إخفاء قدراتك أو محاولة أن تكون شخصاً آخر . انك تأتى بالمسرة فقط عندما تكون نفسك .. فى أى وقت ترفض أى جزء من نفسك ، فانك ترفض حكمة الله وسيادته فى خلقك . يقول الله " ويل لمن يخاصم جابله . خزف بين أخزاف الأرض . هل يقول الطين لجابله : ماذا تصنع ؟ أو يقول : عملك ليس له يدان ؟ "
يزداد رضا الله أيضا وهو يراقبك تستمتع بخليقته . فقد أعطاك عين لتستمتع بالجمال ، وأذن لتستمتع بالأصوات ، وأنفاً وبراعم التذوق لتستمتع بالروائح والمذاقات ، وأعصاباً تحت الجلد لتستمتع باللمس . يصبح كل فعل تمتع هو فعل عبادة عندما تشكر الله عليه . فالكتاب المقدس يقول " الله.. الذى يمنحنا كل شئ بغنى للتمتع "
إن الله يستمتع حتى بمراقبتك وأنت نائم ! .. إن الأب يشعر بالرضا عندما يراقب أطفاله وهم ينامون. فأحياناً يكون اليوم ممتلئاً بالمشاكل وعدم الطاعة ، ولكن عندما ينظر الأب لأطفاله أثناء نومهم وهم راضين ، وآمنين ، ومسالمين . فيتذكر كم يحبهم . إن الله يتفرس فيك بمحبة عندما تكون نائماً ، لأنك كنت فكرته . انه يحبك وكأنك أنت الإنسان الوحيد على الأرض .
لا يطلب الآباء من الأبناء أن يكونوا كاملين ، أو حتى ناضجين حتى يستمتعوا بهم . إنهم يستمتعون بهم فى كل مرحلة من مراحل تطورهم . بنفس الطريقة ، لا ينتظر الله منك أن تصل إلى النضج قبل أن يبدأ فى الإعجاب بك . انه يحبك ويستمتع بك فى كل مرحلة من مراحل تطورك الروحى .
ربما كان لديك فى أثناء نموك معلمون أو أباء غير راضين . أرجوك لا تفترض أن الله يشعر بنفس الشئ حيالك . انه يعلم انك عاجز عن أن تكون كاملا وبلا خطية يقول الكتاب المقدس " لأنه يعرف جبلتنا . يذكر أننا تراب نحن "
إن ما ينظر الله إليه هو موقف قلبك : هل إرضاؤه هو أعمق رغبة لديك ؟ . عندما تحيا على ضوء الأبدية ، يتبدل تركيزك من ( ما هو كم السرور الذى أناله من حياتى ؟ ) إلى ( ما هو كم السرور الذى يناله الله من حياتى ؟ )
إن الله يبحث عن أشخاص مثل نوح فى القرن الواحد والعشرين – أشخاص يرغبون فى العيش من اجل سرور الله. يقول الكتاب المقدس " الرب من السماء اشرف على بنى البشر لينظر هل من فاهم طالب الله "
فهل تجعل إرضاء الله هو هدف حياتك ؟ لن يكون هناك شئ لن يفعله الله لشخص مستغرق بالكامل فى هذا الهدف.
نقطة للتأمل : إن الله يبتسم عندما أثق فيه.
آية للحفظ : " يرضى الرب بأتقيائه بالراجين رحمته " ( مزمور 147: 11)
سؤال للتفكير : بما أن الله يعلم ما هو الأفضل , ففى أى جزء من أجزاء حياتى احتاج أن أثق فيه أكثر ؟
م ن ق و ل