سفينة الحياة ( متجددة )

(1)

ارواحنا الخالدة :

فى سنة 1748 قامت الحملات الكشفية الايطالية بالتنقيب عن اثار مدينة (بومبى) وهى مدينة قديمة كانت تقع عند سفح جبل فيزون بجنوبى ايطاليا
كانت هذة المدينة مركز مزدهرا حتى ثار البركان الغادر فجاة فمطر المدينة باكملها وحفظ اسرارها تحت التراب اكثر من خمسة عشر قرنا من الزمان
وحين رفعت الاتربة والرمال كشف المنقبون وجة المدينة بابنيتها وشوارعها وزخارفها وجدوا قصرا عظيما لسيدة غنية طمرتها الحمم الساقطة من البركان بعد ان تخلفت عن بقية افراد اسرتها الهاربة لتجمع مجوهراتها فلحقها الموت وهى تحضن الذهب
انها شاهدة ماسوية حفرتها الحقيقة على وجة التاريخ الانسانى تؤكد ان الانسان مع كل ما بلغة من علم وتقدم وعقل مفكر فانة كثيرا ما يفقد حياتة الغالية كلها وهو منشغل بجمع اشياء صغيرة من فتات هذة الحياة على حساب الحياة نفسها

ان حياتك هى اغلى من كل كنوز الارض والدنيا مهما اعطت فانها لن تعطى خلود النفس او سلام القلب
لماذا تفنى اجمل ايام عمرك ساعيا وراء مقتنيات الدنيا الفانية فلا يكفيك القليل ولا يشبعك الكثير ؟ وفى سعيك وراء الدنيا تخسر نفسك وتخسر ابديتك
" ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كلة وخسر نفسة " ( متى 16: 26)
" العالم يمضى وشهوتة معة " ( يوحنا الاولى 2: 17)
" الوقت منذ الان مقصر لكى يكون الذين لهم نساء كان ليس لهم والذين كانهم لا يبكون والذين يفرحون كانهم لا يفرحون والذين يشترون كانهم لا يملكون والذين يستعملون هذا العالم كانهم لا يستعملونة لان هيئة هذا العالم تزول " ( كورنثوس الاولى 7: 29- 31)

غدا ستعلن هزيمتك ايها الموت
غدا ستعلن هزيمتك يا ملك الاهوال
مجدا لالهنا الحى الذى ابطل عز الموت

(2)

وان مات يتكلم

يطلق اسم وادى الموت على احدى المناطق الصحراوية فى امريكا اذ تنعدم فيها اسباب الحياة الانسانية والنبات بسبب ارتفاع نسبة الملح فى تربتها لدرجة تراكم طبقات الملح على سطح الارض بها بالرغم من ذلك فهناك نوعا من الشجرة وتضرب فى التربة بعمق قد يصل الى عشرين مترا تحت السطح الملحى فيشرب من الماء العذب وبذلك يحيا وسط وادى الموت

انها حياة تتحدى الموت والناس فيها نوعان نوع منهم مثل هذا النبات يطلق علية لقب ( الاموات الاحياء ) والنوع الاخر يطلق علية لقب ( الاحياء الاموات )
فالذين يلقبون ( الاحياء الاموات ) هم عينة من الناس غريبة فى اسمها ولكنها كثيرة فى عددها هم الذين وان كانت لهم صحة الابدان الابدان الموفورة وضخامة الالقاب المشهورة الا انهم فى نظر الرب اموات وينطبق عليهم قول الرب :
" ان لك اسما انك حى وانت ميت " ( رؤيا 3: 1)

اما ( الاموات الاحياء ) هى عينة غريبة قيدوا فى دفتر الاموات لوقوف نبضات قلبهم الروحى وكلن لنا ان نتعجب الف مرة لوجود اموات فى الرب من مدة طويلة ولكنهم احياء فالهنا ليس هو الة اموات بل الة احياء
" نثق ونسر بالاولى ان نتغرب عن الجسد ونستوطن عن الرب " ( كورنثوس الثانية 5: سفينة الحياة ( متجددة ) Cool

" ان عشنا فللرب نعيش وان متنا فللرب نموت فان عشنا او متنا فللرب نحن " ( رومية 14: سفينة الحياة ( متجددة ) Cool

فكم مات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم فى الناس اموات

(3)

زهرة الموت

ينمو نوع من الخيزران ( البامبو ) على جبال جاميكا بامريكا اللاتينية ويستمر نموة حتى يبلغ من العمر اثنين وثلاثون عاما وبعد ان يبلغ هذة السن يزهر مرة واحدة وتكون زهرتة جميلة لكن ظهورة تلك الزهرة يعنى بداية موت النبات نفسة
ما اشبة موت النبات بموت القديسين " المتقى للرب يطيب نفسا فى اواخرة وينال حظوة يوم موتة "
ما اكبر الفارق بين موت الابرار وموت الاشرار فالبار يضطجع على فراش الموت منتظرا الساعة التى فيها تنتهى حياتة وهو مملوء تعزية لا يخشى موتا ولا دينونة اذ لا سلطان لهما علية " من يسمع كلامى ويؤمن بالذى ارسلنى فلة حياة ابدية ولا ياتى الى دينونة بل قد انتقل من الموت الى الحياة " ( يوحنا 5: 24) اما الانسان الشرير فانة يطرح على فراش متوجعا وروحة ترتعد خوفا من الموت وما ياتى علية بعد الموت تراة متروكا بلا تعزية لانة لم يؤمن باللة بل انكر وخالف وصاياة
" عند موت انسان شرير يهلك رجاؤة ومنتظر الاثمة يبيد " ( امثال 11: 7)
وكما ان ذكر جهنم وعذابها ييف الاشرار ويرعبهم فان ذكر السماء ومجدها وسعادتها يخيف الاشرار ويرعبهم فان يعطى للقديسين شهوة الانطلاق نحو السماء لمعاينة هذا المجد والحياة فى هذا النعيم وذكر السماء كان يجعلهم يزدرون بكل مشتهيات العالم
ان القرون تتوالى على امتداد الزمن الطويل وقد دلنا القرن الواحد والعشرين من عمر الزمن الذى يبدو كعملاق ضخم يبتلع الايام والسنين ويعبر بكبرياء فوق احلام ملايين البشر لكن هذا الزمن العملاق سيتلاشى فى وجة الابد كما تتلاشى سحابة صيف صغيرة من وجة الفضاء وسيبقى الزمن مجرد سحابة عابرة فى سماء الابدية
وحين يدخل ابواب العقود القادمة من هذا القرن يكون الزمن قد شاخ وتكون الابدية اكثر لمعانا ووضوحا
وحين يتلاشى الزمن من فوق صفحة الابد يوجة الانسان مصيرة المحتوم الذى لا رجعة فية فقد يدخل الى سعادةابدية او الى شقاء ابدى
ان حكمة الزمن هى الاستعداد للابد واللحظة التى نحياها هنا فى عالمنا المحدود هى فرصة العقلاء لتثبت خطواتهم فى طريق الابدية السعيدة حتى حين يغرب الزمن يشرق الرجاء والخلود
يقول القديس مار اسحق السريانى : جهز قلبك للرحيل ان كنت حكيما فانك تنتظرة كل ساعة فى كل يوم قل لنفسك : انظرى يا نفسى ها انا الرسول الذى ياتى ليفتش عنى هو على الباب فلماذا اجلس متكاسلا يجب ان ارحل الى الابد لايمكن ان ارجع ثانية اذهب الى النوم بهذة الافكار كل ليلة وتامل طوال النهار وحينما ياتى وقت الرحيل اذهب فرحا لتلاقية قائلا : تعال فى سلام انا عرفت انك ات وانا لم اهمل شيئا يمكن ان يساعدنى فى هذة الرحلة

الموت هو السفينة التى تعبرنا من الميناء الارضى الى الميناء السماوى

(4)

بحر العالم

اخذ جسد الغريق يطفو ويخبو ومن حولة عشرات الرجال فشلوا فى انقاذ الواحد تلو الاخر اذ كان الرجل يجذبهم الية بقوة ويكاد يغرقهم معة
ومن العجيب جدا انة كان هناك عامل انقاذ يجلس فوق منصة قريبة يرقب الموقف كلة بتحفز شديد دون ان يندفع الى الماء مع ان هذا من صميم عملة وهو اكثر خبرة من كل هؤلاء الرجال الذين حاولوا انقاذ هذا الانسان الذى يغرق وقبل ان يذهب الية احد الجموع الذين على الشاطئ لكى يلومة على تقاعسة ولكى يحثة على العمل وجدة انطلق كالسهم وفى لحظة خاطفة عاد بالغريق الى البر وقام باسعافة
فاندهش الرجل من موقف هذا الغواص وعندما سالة لماذا توانى ولم يسرع فى انقاذ الغريق من البداية اجابة الغواص لقد كنت انتظر اللحظة المناسبة حين تخمد قوة الغريق ويستسلم لمصيرة فيكف عن محاولة انقاذ نفسة حينئذ اسرع الية قبل ان يبتلعة الموج فاحملة سالما
ان محاولة انقاذة وهو لا يزال يضرب الماء محاولة فاشلة مصيرها الهلاك

: : : : صديقى , صديقتى : : : :

اننا نولد فى عالم واسع الارجاء تتلاطم امواجة وتتباعد شطئانة وتتشعب بحورة فى عالم ملئ بالعوائق المادية التى تحيط بنا كم كل جانب
اننا كثيرا ما نحاول ان نعبر بحر هذة الحياة يقوتنا المجردة فنصارع امواجة ونضربها بايدينا لكننا سرعان ما نكتشف ان ايدينا قصيرة وانفاسنا لاهثة
واننا لا استطيع ان نعبرة بقوتنا الضعيفة بل نحتاج الى قوة تحملنا وتعبر بنا الى شاطئ الابدية وهذة القوة ليست بالقطع قوة شركائنا الغرقى الذين يوجهون نفس مصائرنا وليست قوتنا القاصرة التى تتضاءل امام جبروت البحر الهائج لكنها القوة العلوية القادرة على انقاذنا وتتابع حركتنا وتراقب اندفاعتنا وراء شهواتنا وجنوجنا وراء رغباتنا ثم تسرع لنجدتنا فى الوقت المناسب
ان اللة يراقب الانسان وهو يتخبط فى بحور الشر يستمتع بها ويتعذب فيها ويظل اللة يراقب هذا الانسان الشارد وحينما يدرك الانسان خطورة مصيرة وانة يسعى جاهدا لانقاذ نفسة فيضرب الماء بسواعد ضغيفة ويقفز فوق الامواج بجسد مثقل فلا يستطيع الخلاص من بحور الشر ولا يستطيع الهروب من بين نخالبها

عندما نبقى طويلا وسط الامواج الهوجاء فما يصيبنا سوى الدوار والاغماء

(5)

يا ابنى هل انت هنا ؟

فى احدى الحملات التى كان يقوم بها وايت مودى ويتحدث فيها الى الالاف من البشر المحدشين كل مساء كان هناك شيخ مسن يتبع القافلة اينما ذهبت من مدينة الى اخرى وفى كل مدينة من هذة المدن وعندما يصل الى مكان الاجتماع مستندا على عكازة يتقدم فى خطواتة المعثرة نحو المنبر ويلتمس والدموع فى عينية ان يسمح لة بالتحدث الى جمهور الحاضرين
فاذا سمح لة تحدث فى صوت متهدج وكلمات ملهوفة وهو ينادى بشفتين مرتعشتين قائلا : يا ابنى هل انت هنا اذا كنت هنا يا ولدى فتعال الى ابوك الشيخ لا يستطيع ان يموت قبل ان يراك
وفى كل ليلة كان الشيخ ينتظر ويحرك عينية الكليلتين فى لهفة بين الصفوف وحين يطلب منة مغادرة المنبر يجهش بالبكاء وينكفئ نازلا الى حيث يبتلعة الظلام وفى كل ليلة كان يبدو متهالكا اكثر من قبل لكن جسدة المحطم كان ينتصر على هزالة بقوة حبة الكبير
والعجيب ان هذا الشاب حين عاد اخيرا الى ابية علل غيابة بانة لم يكن يعلم ان اباة يحبة

: : : : عزيزى , عزيزتى : : : :

ان ابوك السماوى يحبك وهو يدرك ان ترجع الى احضانة الابوية لتكون معة كل حين
ان معرفتك للة وثقتك بانة يحبك تفك عنك كل قيود الملل والضجر فالذى يعرف اللة معرفة حقيقة وينشغل بمشيئة اللة وقصدة تصبح حياتة ذات قيمة ابدية
ان معرفتك للة وثقتك فى محبتة تجعل الحياة واسعة لا رتباطها بابعاد كوينة فنعيش الزمن والابد معا
انها تجعل الحياة غنية لانها تهدف الى تحقيق مقاصد اللة
انها تحول الساعات الكئيبة الى ساعات فرح لان اللة فيها
انها تحول الروتين اليومى الى تناغم مع الحان السماء فكل دقيقة يصبح لها مقصدا وهدفا
ان معرفتنا للة وثقتنا بانة يحبنا ترفع انظارنا فوق افاق الحياة المحدودة التى يكسوها الملل لنعيش الابدية ونحن على الارض

قومى يا نفسى عمرى مصباحك
ونقى اعماقك
واشعلى قلبك بالزيت النقى
وقبل ان ينطفئ
اصرخى الى مصدر الحب
انا يسوع الهك

(6)

لحن السلام

هناك قصة قديمة فى تاريخ مدينة ساردس وهى مدينة رومانية فى اسيا الصغرى فقد قيل ان احد الفاتحين كان قد حاصر المدينة ورفع راية السلام البيضاء ولكن الشعب لم يعبا بانذارة واضطر الرجل ان يحطم اسوار المدينة فجاء الناس الية يطلبون السلام فقال لهم الرجل : ها تعرفون قصة الصياد والسمك ؟
قال الصياد للسمك : سارف لكم الحانى فوق الشاطئ فارقصوا لى فى الماء فرفض السمك حينئذ القى الصياد مزمورة فى الماء وطرح شبكتة لتخرج بالاسماك وعلى البر اخذت الاسماك ترقص للصياد
فقال الصياد هل ترقصون الان بعد ان القيت مزمارى فى الماء لقد انتهى لحن السلام واستيقظ الموت
انها لكارثة كبرى ان يموت الانسان بكل ما انطوت علية حياتة من شر ووقوفة امام عدالة اللة عاريا من كل الزيف الذى عاش فية ايام وجودة على الارض

دعونا نقبل الى اللة لنسير فى طريق الخلاص الابدى قبل ان ينتهى لحن السلام

صوت العريس على الابواب ومصابيحنا تكاد تنطفئ

( 7)

اعظم المكاسب

حققت الروائية الامريكية ( جريس ميتاليوس ) شهرة عظيمة فى عالم الادب غيرت حياتها بالكامل وحققت ربحا عظيما ادخلها فى دائرة المليونيرات ولكن تغيرت الاحوال وانشغلت بالنجاح واهملت زوجها وبيتها واولادها ودب الخلاف مع زوجها وانفصل الزوجان وتزوجت الكاتبة بعد ذلك اكثر من مرة لكنها لم توفق فى زواجها قط فادمنت الخمر وساء حالها حتى انتهت بموت مبكر لقد حققت هذة الكاتبة نجاحا كبيرا فى حياتها لكن هذا النجاح استطاع ان يبلغ جميع نجاحاتها الاخرى
فماذا يسجلة التاريخ لهذة النفس الانسانية فى سجلات المكسب والخسارة ؟
ان افدح الخستئر هى ان يخسر الانسان نفسة " لانة ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كلة وخسر نفسة " ( متى 16: 26)
ان اشر الكوارث ان يبيع الانسان نفسة لان نفسة اثمن من كل كنوز الدنيا فماذا تساوى ممالك الدنيا الذائلة امام قيمة الخلود والابدية السعيدة ؟
لكن الانسان لايعرف قيمة هذة النفس وهو لذلك يعرضها للبيع مقابل اشياء زهيدة يحسبها مكاسب ضخمة وحينما يموت الانسان يموت معة الثمن الذى باع بة نفسة

ان اعظم ما يمكن ان نسجلة فى سجل ارباحنا هو الايمان بان اللة قادر ان يخلصنا الى التمام وانة بالحب يضمنا ويقبلنا فى حضرتة الى ابد الدهور

اخشى ... ان افقد الرؤيا واضل الهدف وسط زحام الحياة
اخشى ... ان تمر الايام والسنون خاوية دون نفع
اخشى ... ان اعيش باحثا وعاشقا للسراب
اخشى ... ان افقد حبى لمن حولى
اخشى ... ضياع كلمة الامل وفقدان معنى الرجاء
اخشى ... ان ياتى اليوم الذى نودع فية جثمان القيم ونعيش جنازة الاخلاق
اخشى ... ضياع الحب وفقدان العاطفة امام جبروت المادة
اخشى ... ان تصبح الحروب الحانا تعزفها الامم وتسمى المعارك سيمفونيات يرقص على انغامها اعداء السلام
اخشى ... ان ياتى اليوم الذى لا اخشى فية الرب

لماذا نفنى عمرنا ساعيا وراء مقتنيات الدنيا الفانية فلا يكفيك القليل ولا يشبعك الكثير

(8)

قيود واغلال

فى ساحة شعبية وعلى انغام الطبول الافريقية وقف عملاق اسمر يستعرض عضلاتة المفتولة ليعلن عن قوتة الخارقة ثم فتح جرابا كبيرا وارج منة ثعبانا ضخما طويلا ثم مدد الثعبان على كتفية وتركة يلتف حول صدرة لفات متوازية حتى غطى الثعبان صدر الرجل تماما وبدا الثعبان يشد عضلاتة حول جسد الرجل وتحولت الساحة الى حلبة مصارعة بين عضلات العملاق وعضلات الوحش وكلاهما جبار مقتدر
مرت لحظات ثم دوى فى الساحة تصفيق حاد حين رفع الرجل ذراعية القويتين بعلامة النصر ولكن بعد لحظات قليلة سمع الناس صوت خشنا مكتوما كصوت حجر يتحطم ثم دوت صرخة عالية وهوى جسد العملاق ساقطا على الارض
لقد نجح الثعبان فى تحطيم صدر العملاق كان الرجل قد قدم هذة اللعبة الاف المرات على مدى شهور طويلة غير ان الرجل نسى ان ثعبانة اليوم قد كبر عن الامس وقويت عضلاتة

ان هذة القصة تعكس لنا صورة حية من حياتنا فنحن كثيرا ما نقف فى ساحة الحياة وحول صدورنا ثعابين كثيرة ملتفة عليها منها الضغائن والاحقاد والاطماع الى غير ذلك

والانسان مهما حسنت نواياة لا يستطيع ان يطلق نفسة فى افاق الحرية والانسان الذى صنع عبوديتة لا يستطيع ان يصنع تحريرة فالحرية هى من جوهر اللة لذلك يحتاج الانسان الى قوة الهية تحررة وترفعة وتمنحة روحا جديدا واجنحة عالية قوة ترفعة تحررة من قيودة

ان خشيت الموت فهو الحياة
وان اشتهيت السماء فهو الطريق

(9)

سفينة الحياة

رجل اعمال فى ولاية جورجيا الامريكية ظل يجمع المال فى كل يوم غير مهتم بائ شئ اخر ومهملا لخلاص نفسة
ومرت سنوات عمرة وتقدمت بة الايام ورقد على فراش المرض منحدرا الى حافة الموت وبينما هو فى لحظتة الاخيرة استغرق فى تفكير عميق وكانة يحسب شيئا ثم افاق لحظة فطلب من زوجتة بكلمات مرتعشة ان تسندة الى خزينة الخاصة فى البيت وفتح الرجل الخزينة ثم ابتسم وقال : اة لو كان معى هذا المال يوم بدات لكنت الان امتلك كل ولاية جورجيا
وحملق الرجل فى الخزينة بعينين نهمتين ثم قبض بكلتا يدية على اكبر قدر ممكن من الاموال وشهق شهقة عالية وسقط ميتا
ان بعض الناس يشربون من المياة المالحة طلبا للارتواء فيزدادون عطشا انهم يتعلقون بما لا يروى من عطش ولا يشبع من جوع
ان فى داخلنا احساس عميق بالحاجة الى اللة تعلق طبيعى وعطش طبيعى للاتصال باللة ولكننا نحاول ان نروى هذا العطش المقدس من مصادر اخرى نظن انها تروى فلا تروى بل نزداد عطشا
ان كنوز الارض ستكون حملا ثقيلا على اصحابها وستعوقهم فى طريق السماء
ان الربان الذى يسير بالسفينة فى وسط البحر اذا سمع ان فى طريقة صخورا لا يغفل ولا ينام حتى لا تصطدم بها سفينتة فتتحطم
وانت يجب عليك ان تسهر على حياتك ولا تغفل عن خلاص نفسك لئلا تتحطم سفينة حياتك عندما تصطدم بالعثرات وسط امواج بحر العالم

ان الحياة سفينة فى بحر هائج والذين لا يلبسون اطواق النجاة مهاجرون حتما الى الموت

(10)

الغنى الجوعان

كان اغنى انياء العالم مولعا بالتعبد لاموالة والتلذذ بها والنظر اليها فبنى قصرا فى وجة بعيدة وبنى بة جزانة كبيرة ورتب مجوهراتة من ياقوت وزمرد ولؤلؤ وكان لا يحلو لة تناول الطعام الا وحولة اموالة فكان لذلك يبقى بجوار الخزانة اياما ثم يعود الى اهلة ولا يكشف سرة لاحد
وذات مرة ذهب الغنى الى الخزانة ولم يعد ابدا وباءت كل محاولات البحث عنة بالفشل وزعت هذة الثورة الكبيرة على عائلتة وخص احد الورثة هذا القصر البعيد وبينما كانت الات الهدم تدك القصر لاعادة بنائة عثروا على الخزانة وعند هدمها عثروا على مفاجاة صارت حديث الناس لفترة
لقد وجدوا الهيكل العظمى للرجل الغنى وسط اموالة وبجوارة وجدوا ورقة مكتوب عليها ( اغنى اغنياء العالم يموت جوعا )
اما سر ما حدث فهو ان الخزانة كانت تغلق من الخارج فقط ولقد حدث ان دخل الغنى ونسى مفتاح الخزانة من الخارج بعد ان اغلقها وبعد ان فرغ من طعامة امام المجوهرات اراد الخروج تذكر ان المفتاح بالخارج فصعق من هول المفاجاة وادرك مصيرة

عزيزى

لماذا فى قلوبنا تنبت ادغالا ؟
لماذا فى طريق الحب نحبو وفى طريق الانانية نجرى اميالا ؟
لماذا لا نعود اطفالا نحمل قلوبا ولا احمالا ؟
لماذا نعبد الهة املاكا وامجادا واموالا ؟
لماذا لا نجثو للالة الواحد ؟

ان اتاك الموت بغتة فلا تنسب لة الخيانة والغدر بل انسب لنفسك الجهالة والغباوة

(11)

اعظم واعظ

خرج ملك ذات يوم الى الجبال وكان هذا الملك معجب بنفسة ومصاب بجنون العظمة واثناء سيرة استوقفة كوخ صغير يعيش فية رجل فقير وعندما نظر الى هذا الرجل الفقير وجدة يتامل فى جمجمة لراس انسان فاقترب منة الملك وسالة :
لماذا تتامل هذة الجمجمة وتمعن النظر فية ؟
اجاب الفقير : اننى اتامل جيدا اريد ان اعرف هل هذة الجمجمة لملك عظيم ام لرجل فقير ولكنى عجزت عن التمييز بين الامرين
فاتعظ الملك ومضى

قالوا عن الحياة انها اعظم معلم
وعن الموت انة اعظم واعظ

قالوا عن الحياة سوى رصيف لهذة المركبة الكبيرة حيث تستقبل اناسا وتسلمة البعض الاخر
وعن الموت انة القطار الذى ينزل منة من يركب بعدك ويبقى فية من ركب قبلك

القبر هو اعظم واعظ والموت هو ابلغ عظة

(12)

سريعة الزوال

قناة يونانية تدعى انتيجونا مات اخاها فسارت وراء نعشة حتى القبر وظلت الى جوار جثتة حتى ماتت
هذة زوجة تدعى بنلوب فقد زوجها مع سفينة فى رحلة فى اعماق البحار وظلت عشرين عاما تحدق فى الفضاء البعيد تنتظر مجئ زوجها وسفنة الضائعة
فكم فرق الموت بين الاحياء
" انما الموت يفصل بينى وبيتك " ( راعوث 1: 17)
ان حياتنا سريعة الزوال فقد قال عنها ايوب الصديق :
" ايامى اسرع من عداء تفر ولا ترى خيرا " ( ايوب 9: 25 )

كثيرون يخافون من الموت ويظنون انة بواسطة حذرهم يمكنهم ان ينجوا منة فمنهم من لا يركب البحر خشبة من الغرق ومنهم من لا يركب البر خوفا من المصادمات والحوادث
وقد شبة الكتاب المقدس حياة الانسان بريح تذهب ولا تعود ( مزمور 78 : 39 ) والكلمتان ريح وروح بمعنى واحد فى اللغة القبطية واليونانية وهى كلمة ( ابنيفما )

حياتنا ما هى الا قطرة واحدة فى محيط الزمن

(13)

نبع الحياة

فى احدى غابات السويد كان هناك بيت فى مزرعة يسكنة رجل عجوز ولما مات وضعوة فى قبر عبارة عن حفرة فى الارض على طرف المزرعة والشئ العجيب انة اوصى قبل موتة ان يوضع تحت راسة كتابا ضخما غريب الشكل ولما فتحوة وجدوا فية احداث مرت بحياة الرجل وعرفوا انة كان عالما مشهورا ويجيد عدة لغات وموهوب فى الموسيقى ولكنة اضاع كل شئ بادمان الخمر حتى ساءت صحتة واصابة الضعف ونبذة الجميع فعاش فى عزلة فى هذا المكان البعيد عن الناس

عزيزى

اننا كثيرا ما تسمو بنا احلام اليقظة فوق السحاب تصنع لنا اجنحة من ذهب ونصبح كالطيور نحلق فى اعلى السماء ولكن نسقط على واقع مؤلم يجذبنا بشدة الى اسفل فنرتطم بواقع اقسى من حجر الصوان
وبين الاحلام والواقع يتبادر الى ذهنى دائما سؤال يحيرنى :

اين انا من واقع حياتى ؟

ان العذاب كل العذاب هو البعد عن اللة المصدر الحقيقى للحياة

حياتنا ما هى الا سحابة عابرة فى سماء الابدية اللانهائية

(14)

حياتى كسفينة

قال احد الحكماء عن الاسكندرية الاكبر بعد وفاتة :
ها هو الذى كان بالامس يطا الارض بقدمية نراة الان وق وطاتة الارض تحتها امس لم تكن الارض كافية لرغباتة والان يكفية سبعة اشبار منها ليدفن فيها
ان لكل كائن حى بداية ونهاية .. مولدا وموتا .. ظهورا واختفاء .. شروقا وغروبا

ربى يسوع : استلم سفينة حياتى لتقودها الى ميناء البر الابدى

(15 )

يوم الفرز

توجد الة فى بنك انجلترا يضعون فيها الجنيهات الذهبية والالة من ذاتها تطرح القطع الناقصة فى الوزن على جانب بينما القطع الصحيحة على الجانب الاخر
ربما يصعب على الكثيرين القيام بعملية الفرز كذلك يصعب علينا الحكم على من هم الابرار ومن هم الاشرار
ولكن سياتى يوم يطرح فية الاشرار بعيدا ويقال لهم :
" وزنت بالموازين فوجدت ناقصا " ( دانيال 5: 27 )
اما الذى عاش حياة تمجد اللة فمصيرة سيكون :
" ادخل الى فرح سيدك " ( متى 25 : 21 )

الموت هو سلم المجد وبدء الراحة الموعودة بها لاولاد اللة

(16)

نظرتنا الى الموت

عندما ذهب ابراهيم الى ارض الموعد اشترى لنفسة قبرا ومن خلال القبر ورث الارض
ونحن لا يمكننا ان نرث ارض الموعد السماوية الا من خلال القبر والمرور منة فبعد قيامة السيد المسيح من بين الاموات حيا لم يعد القبر مقرا وكلنة اصبر ممر
لقد خلصت الكنيسة وجهة نظرها فى الموت الى اربع كلمات :

( اطلبوا عن ابائنا واخواتنا الذين سبقوا , رقدوا , تنيحوا , فى الايمان )

1- الموت سباق :

الميت والحى كلاهما يتسابقان فالحى يتقهقر اما الميت فقد سبقة ومن سبق لة كل الحق فى اخذ الجعالة فنحن بلا شك متقهقرون اما الميت فقد احرز هدفا

2- الموت نوم :

الميت نائم لا مائت ونحن نصلى صلاة الراقدين وليس المائتين لان الرب يسوع قالها مرتين :
" لم تمت الصبية لكنها نائمة " ( مرقس 5: 39)
" لعازر حبيبنا قد نام " ( يوحنا 11: 11)

3- الموت راحة :

راحة من الام الجسد ومن حروب الشيطان ومن الشقاء والتعب

4- الموت فى الايمان :

انها امنية كل انسان ان يصل الى حافة الابدية وهو ثابت فى الايمان فهناك كثيرون خرجوا من الايمان قبل روجهم من الحياة فالمؤمن يشتاق الى لحظة الانطلاق مشتاقا الى الابدية ولقاء رب البشرية
فالموت بالنسبة للمؤمن ربح لانة انتقل الحياة الافضل التى قال عنها الرب يسوع : " اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم افضل " ( يوحنا 10 : 10 )

الموت هو مركبة السلام التى توصل الى شاطئ الامان

( 17 )

رحلة الرحيل

قرات عن ملك حكيم عين موظفا براتب شهرى وكل وظيفتة ان يذكر للملك عبارة واحدة كل صباح وكل مساء وهذة العبارة هى : ( تذكر ايها الملك انك سوف تموت )

عزيزى :

بماذا نشبة الموت ؟
نشبة بالسارق لانة يسرق العمر , نشبة بالشبكة التى طرحت فى البحر فامتلات وجمعت الاسماك من كل نوع , نشبة بالكاس الذى لابد من شربها , نشبة بالعداء الذى يجرى ولايكف عن الجرى باقصى سرعة , نشبة بالريح تذهب ولا تعود

صديقى :
هل انت مستعد للرحيل ؟

يستعد الانسان للامور الارضية : فالعريس والعروس يستعدان للزواج ويجهزان للفرح , الاباء والامهات يستعدان لبدء المدارس ويدخران المال , المسافرون يستعدون لرحلتهم . الكل يستعد لكن لا يستعدون للقاء الصديق الاعظم الرب يسوع

اننا بالموت ننتقل الى عدم الموت
وبرحيلنا من الحياة الفانية ننتل الى الحياة الباقية
الموت ليس نهاية ولكنة عبور ورحلة الى الخلود
فمن ذا الذى لا يسرع الى ما هو احسن ؟