* البعض يروج لوجود اضطهاد للأقباط في مصر.. فهل توافق علي ذلك؟
- لا أحب كلمة اضطهاد، لأنها تعني وجود شيء مخطط، ولكن يوجد مشاكل للأقباط مثلما توجد مشاكل للأطباء والمهندسين، وكل شريحة في البلد، والغلاء الذي نعانيه جعل الناس لا تعرف القبطي من المسلم، ودفعهم إلي التوحد في البحث عن رغيف الخبز.
*
عند حدوث أي مشكلة قانونية.. الكل يرجعها إلي قصور في الدستور.. فما رأيك في الدستور
؟
- الدستور المصري جيد، وينص علي المواطنة والمساواة الكاملة، ولابد وأن يكون هو الفيصل والمرجعية لنا دائماً.
* إذن لماذا الاعتراض علي المادة الثانية منه؟
- المادة الثانية لا تزعجنا كثيراً، ونعرف أنها جاءت في ظروف معينة عند اختلاف الرئيس الراحل السادات مع البابا شنودة، ولكن نحمد الله أن هذا البلد به حكمة جعلت المادة الثانية تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للقوانين، وليست المصدر الوحيد، وهذا حق المسلمين في أن تكون كل القوانين لا تخالف شريعتهم بوصفهم الأغلبية، بجانب أن الدولة تحكم بشريعتنا فيما يخصنا، فلا داعي للزعل إذاً أو الاعتراض.
* إذا كانت الدولة تُحكم وفق الشريعة المسيحية فيما يخص المسيحيين.. فلماذا اعترضت الكنيسة علي الحكم بأحقية المطلق في الزواج مرة أخري؟
- لأن هذا الحكم أحدث فجوة بين الديني والمدني، بسبب لائحة 1938 التي خرجت في وقت كانت الكنيسة تمر فيه بأزمة، ومنذ عهد البابا كيرلس السادس ونحن نعترض علي هذه اللائحة ونطعن بعدم دستوريتها، وأرسلنا إلي وزير العدل أكثر من مرة بأن المسيحية ليس بها طلاق إلا لعلة الزني، ولابد من تغيير اللائحة حتي نزيل الفجوة التي بين القانونين المدني والديني.
* لماذا تخاف الكنيسة من أتباع شهود يهوه وتحذر منهم دائما؟
- لأنهم غير مسيحيين ويقولون إن الملاك ميخائيل هو المسيح ولو قلنا مثلهم ستنسف المسيحية، إضافة إلي أن لديهم أموالاً يمكنهم بها إغراء الأقباط بجانب المسحة اليهودية التي لديهم مثلهم مثل «الادفنتست والمرمون»، ونحن نطلق عليهم «بدع متهوّدة» وكلها واردة من أمريكا.
*
وإذا كانت أمريكا هي السبب في كل هذه البدع.. فلماذا يطالبها بعض الأقباط بالتدخل لحمايتهم؟
- من يطالب بهذا بعض هم المتطرفون الذين يعدّون علي أصابع اليد الواحدة، إضافة إلي أن أمريكا بلد البدع، ولا يهمها الدين في شيء، وعندما اهتم رئيسها بوش بالدين جاب لنا البلاوي، لأن تدينه به مسحة مرتبطة بالصهيونية «المسيحيون المتصهينون»، الذين يفسرون الإنجيل علي أهوائهم لدعم إسرائيل، دون أي سند آبائي يقول ذلك.
*
ما السبب في زيادة الفتن الطائفية في مصر.. وهل للكنيسة دور في ذلك؟
- لا يمكن للكنيسة تشجيع الفتن، لأننا من نعاني منها، إما بإصابة أولادنا أو حرق كنائسنا، إضافة إلي تأثر العلاقات بيننا وبين إخواننا المسلمين، ولكن الفتن سببها الاحتقان المحلي الناتج من إفرازات الجماعات المتطرفة، والاحتقان الإقليمي سببه الثورة الإيرانية والخميني، وزاد منها وأشعلها غزو أمريكا للعراق، والادعاء بأنها حرب صليبية، والصليب بريء منها.
* ألا تري أن إلقاء اللوم في الفتن الطائفية علي أمريكا وإيران شيء غريب؟
- إطلاقا، لأن الإحساس العام بوجود استهداف من الغرب للإسلام أصبح واضحاً جدا، وأدي إلي احتقان في المنطقة كلها، ونحن في الوسط ما بين الإيراني ذي التوجه الإسلامي الفارسي، والزحف الأمريكي ذي التوجه الاستعماري الغربي، لذلك لابد أن نحتفظ بهويتنا،
وأن نظل جسداً واحداً لا نفرق في وحدتنا، مثلما فعلنا في الحروب الصليبية، ووقفنا مع المسلمين ضد الغرب، لدرجة أن أهدانا صلاح الدين دير السلطان بالقدس، وهو علامة علي وطنية الأقباط، كما كنا يداً واحدة ضد الاستعمارين الفرنسي والإنجليزي والاحتلال الإسرائيلي.
* تكررت في الآونة الأخيرة الخلافات في المجمع المقدس، ودائما ما يكون الأنبا بيشوي سكرتير المجمع طرفاً فيها.. فلماذا؟
- من حق الكنيسة أن تكون لديها خلافات، لأن الاختلاف شيء صحي، ولكن المشكلة في أن البعض يصور هذه الخلافات علي أنها صراعات، وهذا ليس صحيحاً بالمرة، ووجود الأنبا بيشوي دائما في الصورة يرجع لكونه سكرتير المجمع ورئيس لجنة المحاكمات.
* أُشيع مؤخراً أن البابا قرر محاكمة الأنبا بفنوتيوس أسقف سملوط.. فما صحة ذلك؟
- البابا رجل ديمقراطي، ولا يمكن أن يحاكم أحداً لمجرد الاختلاف في الرأي، هو فقط يطالب الأنبا بفنوتيوس بالحديث داخل المجمع وليس خارجه، والأنبا بفنوتيوس ظل 20 عاماً لا يحضر المجمع المقدس، والآن عاد إليه ولم يعترض أو يطالب بمحاكمته أحد إطلاقاً.
* لماذا تتحاشي الكنيسة الكلام عن صحة البابا ومسألة خلافته؟
- الخلافة بيد الله، ونحن في المجمع لدينا كلمة تقول «ربنا يخلي سيدنا»، وأري أن الكلام في هذا الأمر خارج علي إطار الذوق لذلك لم يحدث أن تحدث أي عضو بالمجمع مع آخر في هذا الموضوع، ومن يسألني أقل له «من يعرف الحياة من الموت»، والأهم من ذلك أن الله هو من يقود الكنيسة.
* البعض يرشحك بقوة لخلافة البابا.. فهل هذا صحيح؟
- أنا مليء بالأمراض، وأعرف أنني سأرحل عن الدنيا قبل البابا، وسيقوم هو بالصلاة علي.
* عند اختفاء فتاة مسيحية تعلو بعض الأصوات وتعلن عن وجود جماعات منظمة لـ«أسلمة» المسيحيات.. فهل تعتقد ذلك؟
- أعتقد أن ما يحدث حالات فردية تقوم علي التغرير بفتاة باسم الحب، وليس لدينا في الكنيسة ما يؤكد عكس ذلك.
* هل تغيرت العلاقة بين الكنيسة والدولة بعد حادثة وفاء قسطنطين؟
- لا لم تتغير والعلاقات جيدة جداً، ولا يوجد شيء سوي إلغاء جلسات النصح والإرشاد، وهذا تم دون إبلاغ الكنيسة، ورغم أننا كنا غير مرتاحين لعقدها بمديرية الأمن، فإننا لم نكن نرغب في إلغائها تماما، ونطالب حاليا الدولة بإعادتها علي أن يكون مكان عقدها في المجلس القومي لحقوق الإنسان.
* هل يجوز لأسقف الإبراشية تولي الكرسي البابوي؟
- حسب القوانين الكنسية الأصلية لا يجوز، ولكن اللائحة تقول نعم، وهذه اللوائح وضعت عصراً مختلفاً، ولكن عند التطبيق، وحتي مع وجود هذه اللائحة، لم يرشح أسقف إبراشية إلي الكرسي البابوي، والثلاثة أساقفة السابقون للبابا كيرلس، والذين تولوا الكرسي، كانوا قبلها أساقفة إبراشيات نعتبر فترة توليهم تاريخاً غير جيد بالكنيسة.
* ولماذا تجاهل البابا وعده بتغيير لائحة انتخاب البطريرك؟
- البابا لم يتجاهل وعده ولكن تغيير اللائحة موضوع معقد جداً، وأغلبه خاص بالمجمع الانتخابي للشعب لأن له عدداً قليلاً، واليوم الكنيسة كبرت وزادت أعدادها، وأصبحت اللائحة تحتاج إلي تغيير بالفعل، ولكن لا يمكن إغفال أن هذه اللائحة جاءت ببطريركين من أفضل بطاركة الكنيسة طوال تاريخها، هما البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الحالي.
* لماذا تخاف الكنيسة القبطية من باقي الكنائس وتتهمها بسرقة أولادها؟
- الكنيسة القبطية هي الكنيسة الأم وأي شخص كاثوليكي أو بروتستانتي، لابد أن يكون أرثوذكسي الأصل، لأن الكاثوليكية جاءت مع نابليون بونابرت، أثناء الاحتلال الفرنسي والبروتستانتية، جاءت مع الاحتلال الإنجليزي، مما يعني أنها مذاهب حديثة أخذت أولادها من الكنيسة القبطية.
* هل هذا يعني أن هذه المذاهب نتاج للاحتلال الذي تعرضت له مصر؟
- هذا صحيح، فهذه المذاهب نشأت نتيجة للإرساليات، التي جاءت مع الاحتلال، وهم يعرفون ذلك تماماً، ولكن بعد ذلك القائمون علي هذه المذاهب قبّطوها.
* البعض ردد أخباراً عن سعي رهبان دير الأنبا مقار إلي الاستقلال بالدير نتيجة خلافهم الفكري مع البابا شنودة، خاصة مع تدهور صحة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط والمشرف علي الدير؟
- الأنبا ميخائيل صحته جيدة، ولا يوجد دير يستطيع الاستقلال عن الكنيسة، لأنه يصلي بحل من البابا، ورهبان هذا الدير لديهم بعض الأخطاء التعليمية، والبابا أخبرهم بأخطائهم والمشكلة ستحل في الوقت المناسب.
* بمناسبة الحديث عن الخلافات والانشقاقات.. ما مدي علاقاتك بماكس ميشيل (الأنبا مكسيموس)، خاصة مع ما يشاع بأنك أكبر أصدقائه..؟
- أنا أعرف ماكس منذ أكثر من 40 عاماً، عندما كان طالباً في الكلية الإكليريكية، وكانت بيني وبينه محبه حتي تخرّج، لكن علاقتي به انتهت تماماً بعد أن دخلت الدير وترهبنت، وبدأت أسمع أخباراً عنه، وبعد أن رُسّمت أسقفاً،
أرسلت له وقلت له: «كفي شروداً خارج الكنيسة»، وطالبته بالهدوء والصمت لمدة عام، حتي نستطيع إصلاح الأمور ونعيد علاقته بالكنيسة، لكنه رفض ومن وقتها لم أره، ولكنني لاأزال أحبه وأتمني رجوعه الكنيسة مرة أخري.
* وبماذا تفسر شعبية القمص زكريا بطرس وسط الأقباط؟
- أتذكر رنات صوت البابا شنودة، وهو يقول وسط المجمع المقدس، إن القمص زكريا بطرس موقوف.. موقوف، وذلك قبل أن يظهر حتي في الفضائيات، إضافة إلي ذلك فهو لا يحظي بأي شعبية أو حب وسط الأقباط، وكل ما قام به هو عمل احتقاناً في الشارع العربي، وأؤكد أن زكريا بطرس ليس مسيحياً، لأن المسيحية لا تدعو لذلك.
* لماذا تجيز المسيحية زواج إخوة الرضاعة وتُحرّم الزواج من شقيقة الزوجة المتوفاة؟
- في الشريعة المسيحية، لا يوجد شيء يسمي إخوة رضاعة، ولكن شقيقة الزوجة المسيحية، تعتبر اختاً للزوج وبمجرد إتمام مراسم زواجه من شقيقتها فلا تجوز له بعد ذلك.
* لماذا لم تتطرق زيارة البابا شنودة لإثيوبيا إلي مشكلة دير السلطان؟
- عودة دير السلطان ليست قضية إثيوبية، ولكنها قضية إسرائيلية، واليهود يجاملون إثيوبيا فيها، من أجل طعن الكنيسة القبطية، لعلمهم بأن البابا شنودة أكبر عدو لهم في المنطقة، وبالرغم من حصولنا علي حكم قضائي بأحقيتنا في ملكية الدير، فإن السلطات الإسرائيلية تمنع تنفيذه.
* وما مصير الأساقفة الموجودين بالدير.. وهل يمكن إعادتهم إلي أماكنهم مرة أخري؟
- الدير ليس سجناً كما يتصور البعض، وبعض الأساقفة عندما صدرت قرارات برجوعهم للدير قالوا «هذا ما كنا نتمناه»، لأن الدير هو بيتهم الأصلي، وأنا شخصيا أتمني إقالتي ورجوعي إلي الدير مرة أخري.
* في النهاية.. لماذا زاد خصوم البابا في الفترة الأخيرة؟
- لا يوجد خصوم كثيرون للبابا، فهم مجرد أصوات معترضة علي وضع معين، ولكن لو سألتهم سيؤكدون حبهم لشخص البابا وتقديره.